لا أحد منا معصوم، لكن يجب أن نحاول أن نكون كذلك
قصة سميع..
رجل فقير في قرية ثرية
سميع رجل فقير نشأ يتيماً في قرية جلّ أهلها اغنياء، حتى من هم دون الأغنياء كانوا ميسوري الحال، لم يكونوا بحاجة للعمل في الخدمة والاعمال التي يرونها دون مستواهم الاجتماعي، لذلك كانوا يستأجرون الناس من خارج قريتهم للعمل عندهم، ولكون سميع كان اهله من اشراف هذه القرية ولأنه لم يورث عن اهله المال، فقد تكفل بعضهم برعايته حتى بلغ أشده، ولكنهم تركوه ولم يوظفوه عندهم لسببين، أولها أنهم حسب عرفهم لا يوظفون أبناء قريتهم في الاعمال الوضيعة كما يعتقدون، والسبب الثاني أنهم يتطيرون من الولد الذي يموت اهله ولا يتركون له مالاً وفيراً، بسبب ذلك كانوا يمتنعون عن تشغيله في أي مهنة.
محاولات سميع ترك قريته
شعر سميع بأنه منبوذ، حاول أن يترك قريته، ولكنه لم ينجح، فالقرية محاطة بالصحراء القاحلة، فهي اشبه بواحة كبيرة جداً وسط الكثبان الرملية المتحركة كأمواج البحر، لذلك اعتاد أن يخرج من قريته يومياً ليبحث عن مخرج، ورغم إنه لم يفلح في ذلك، إلا إنه وجد اخيراً ما يبرد قلبه ويشعره بالاطمئنان.
استقرار سميع في قرية نائية
في عمق الصحراء وجد اطلالاً لقرية قديمة هجرها أهلها، لم تعد تصلح للعيش، ليس فيها ماء او بقايا تربة تصلح للزراعة، غطيت بالرمال ونال منها الجفاف، هناك قرر سميع أن يسكن، فرتب لنفسه مكاناً وبمساعدة بعض أهالي قريته المتعاطفين معه، استطاع أن يؤثث سكنه الجديد ببعض اهم احتياجاته، بعض الاواني وبعض الافرشة تعينه في حياته.
كيف بدأ سميع العمل؟
بعد وقت من سكنه في تلك القرية المهجورة، لم يعد هناك من يقدم له المساعدة، لم يعد يحصل على الطعام من أحد، لذلك توجه الى حيث المزابل، يلتقط منها فضلات الطعام ليأكل منها، وفي يوم من الأيام رأى بعض الدواب تقترب من حدود المزبلة لتأكل من بقايا الطعام، فجاءته فكرة، فرجع الى سكنه وبحث في القرية عن عربة قديمة يستعين بها على انجاز فكرته، فوجد واحدة عمد الى إصلاحها ثم استخدمها في نقل بقايا الطعام من المزبلة الى حيث يسكن واخذ يفصل الأطعمة ويجففها ويعالجها ويطحنها، حتى استطاع أن يبيع ما يخرج منها علفاً لرعاة الأغنام، وشيئاً فشيئاً استطاع أن يصبح معروفاً عند أصحاب الدواب، فكانوا يشترون منه العلف، وبسبب فطنته وذكائه استطاع أن يحول تلك البقايا مع فضلات الدواب الى سماد جربه المزارعون فوجدوه فعالاً ومفيداً في زراعتهم.
هل تغير سميع بعد امتلاكه المال؟
سميع الفقير وفق حتى أن تلك البئر المعطلة في تلك القرية المهجورة انفجر فيها الماء، وعادت في بعض اجزائها الحياة، لم يكن سميع يرغب في الانتقام من اهل قريته، بل حاول أن يصنع لنفسه مستقبلاً وأن ينجو من الهلاك، ولأنه طيب القلب كان يستقبل أولئك الضالين والتائهين في وسط الصحراء من المسافرين والتجار وعابري السبيل، كان يطعمهم ويؤويهم ومن ثم يوصلهم الى قريته، وكثير منهم كان يهديه مالاً او حلية او طعاماً او لباساً.
تعلق سميع بالخادمة
أحب سميع فتاة كانت تعمل في مطبخ أحد التجار، عشقها حتى الجنون، كان يتواعد معها ويحاول أن يتقرب منها، لكنها كانت تستغل حبه وعشقه لها، فلم تلبي له طلباً ابداً، وبعد سنة من الحب الاعمى، أراد سميع أن يتقدم لخطبتها، لكنها رفضت ذلك إلا أن يحقق لها ما تتمناه، وكان ما تتمناه شيئاً لم يخطر على بال سميع ابداً.
كيف استغلت الخادمة سميع لتحقيق مصالحها؟
كان للتاجر الذي تعمل عنده تلك الجارية بنت عليلة وهي ابنته الوحيدة، وكان يحبها ولكن لم يرغب أي شاب أن يتزوجها، وكانت امنية الجارية أن يتزوج سميع ابنة التاجر، ولكونها عليلة فإنها ستموت في بضعة أسابيع او أشهر، وبعدها سيكون سميع بمنزلة الابن الوحيد للتاجر ويورثه إن مات، وبعدها تتزوجه الجارية لتشاركه ما ورثه من أموال وتجارة.
زواج سميع بابنة التاجر الثري
في تلك اللحظة زلت قدم سميع الطيب، ولم يشعر أن ما يفعله خطأ، فأقدم على الزواج من تلك الفتاة العليلة، وما كان لأبيها إلا أن يوافق على أمل أن يراها في كنف رجل يرعاها إذا ما وافاه الاجل، لم تكن مليحة ابنة التاجر تعلم بهوية سميع، لم يخبرها ابيها من هو بالتحديد، لذلك تزوجته وهي لا تعلم عن ماضيه أي شيء، مرت أشهر على زواجهما، وكان سميع طيلة تلك الأشهر يلتقي بعشيقته الخادمة سراً، ويعمل بما تمليه عليه وبما توسوس له بصوتها الشيطاني.
في ليلة ممطرة، اشتد فيها البرد، وتحولت السماء الى غيمة سوداء كبيرة مرعبة، وصوت الرعد ولمعان البرق المخيف أرجف قلوب اهل القرية، حتى تواروا عن الشوارع وغلقوا على أنفسهم الأبواب، وتعطلت جميع مصالحهم، يوم اشبه بيوم الحساب، ظنوا أن القيامة قد قامت، ووسط ها الخوف والرعب، همست مليحة في اذن الجارية “هل أوصلت الطعام الى سميع؟”، وكان سميع يجلس بقربها فاستغرب من قولها، والتفت اليها وقال لها بصوت ناعم ” ما بالك يا مليحة أي طعام توصله اليّ وانا جالس هنا بقربك وبين يديّ ما لذ وطاب من الطعام!؟”.
فلما انصرفت الجارية اخبرته بأنها اعتادت أن ترسل المؤنة من طعام ولباس وغيرها يومياً الى سميع الشاب اليتيم الذي يعيش في القرية المهجورة، اخبرته بأنها تتعاطف معه لأن حالها سيكون كحاله إذا ما توفي ابوها وهي على ما هي عليه، فمرضها يمنعها من إدارة تجارة ابيها، وسرعان ما ستنتهي أموالها وسترمى كما فعلوا مع سميع من قبل، لذلك كانت تشعر بألم سميع ومعاناته.
اكتشاف سميع حقيقة الخادمة
سميع طيلة تلك السنوات لم يكن يصل اليه شيء من مليحة، كانت تلك الخادمة تسرق ما ترسله اليه، بل زادت على ذلك أنها تريد أن تستغل حبه لها ليكون طريقاً لها لسرقة أموال وثروة التاجر، كانت تخطط منذ سنوات طويلة، هكذا لقنتها أمها وهكذا سارت على نفس ما رسمته لها، شعر هنا سميع بأن لا أحد منا معصوم، ولكن يجب أن نحاول أن نكون معصومين، وأول طريق النجاح هو التراجع عن فعل الخطأ.
عيش سميع مع زوجته بهناء
في صباح اليوم التالي، طرد سميع تلك الخادمة خارج القرية وجردها مما تملك، واكتشف أن علة مليحة كانت بسبب دواء كانت تعطيه تلك الخادمة لها لتجعلها على هذه الحال وقد ورثته من أمها، طردها ومن كان يساعدها من الخدم الآخرين، وسعى الى أن تشفى مليحة من علتها، وبعدها أخبرها بقصته وأنه هو سميع الذي كانت ترجو له النجاة، أخبرها بأنها كانت سبباً لنجاته حقاً وأن طيبتها هي من انجاه وانجاها.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "لا أحد منا معصوم، لكن يجب أن نحاول أن نكون كذلك"
إرسال تعليق