التعصب الإداري والفوضى في اتخاذ القرارات
تعاني
المنظمات الحكومية بشكل خاص والمنظمات الاهلية بشكل عام من وجود مشكلة إدارية
كبيرة وخطيرة تتعلق بشخصية الإدارات العليا والذين يكونون غالباً ممن يميل الى
التعصب الإداري والتزمت برأيه الشخصي ومحاولة تغيير نظام العمل وفق رؤيته ومحاولة
عدم العمل بسياقات المدراء السابقين له، وهذا الميول لا ينبع عن حرص لتطوير
المنظمة وادائها ولو كان كذلك لكان من الأمور الإيجابية، ولكنه يستند الى هوى المدير
ومزاجه وتعصبه الى رأيه.
من أخطر
المشاكل التي تواجه نجاح المنظمة انها لا تعتمد نظاماً ادارياً ونسقاً ثابتاً في
عملها وتتغير بشكل مستمر مع تغير المدراء على مستوى الإدارات العليا، ولهذا تجد هؤلاء
المدراء ولتحقيق رغباتهم في ابراز أنفسهم أفضل ممن سبقهم وانهم لا يعتمدون
إنجازاتهم وما سيحققونه من نجاح حسب وجهة نظرهم لا فضل لسابقيهم فيه، فإنهم يغيرون
بنية الإدارات الوسطى وخاصة أولئك المدراء النشطين والملتزمين بالعمل بأفضل
السياقات الإدارية بغض النظر عمن أسس لتلك السياقات، فهؤلاء يشكلون عبءً ثقيلاً
على المدراء المتعصبين مما يدفعهم الى زحزحتهم ودفعهم عن مناصبهم وتكليف مدراء اقل
كفاءة ومهمشين كل طموحهم هو الوصول الى المنصب وطاعة الإدارة العليا طاعة عمياء
والوقوف بوجه من يعارضها.
مع هذا
التذبذب في الأداء وتغير الإدارات المستمر وظهور إخفاقات تلك الإدارات على واقع
المنظمة، سنجد ان التصحيح سيكون صعباً جداً وقد يكون مستحيلاً في بعض المنظمات،
لان كادر المنظمة أصبح غير مؤمن بالمنظمة ولا بنجاحها وما يهمه هو حصوله على راتبه
الشهري وعدم الاكتراث بتغير مساقات العمل بين التشديد والانفلات، فقد يصل الامر
الى ان بعض موظفي المنظمات الحكومية يكون قادراً على التلون مع ألوان الإدارة
كحرباء مسالمة تهتم بنفسها ولا تعير أي اهتمامات أخرى لما يحيط بها.
وبعد ان
تنعجن المنظمة بإناء التعصب الإداري، وتترك لتتخمر وتبدو عليها اعراض الانتفاخ
والتعفن، سيحاول من هم في قمة الهرم ان يتداركوا هذا الانتفاخ والإسراع في تجزئة
المنظمة للسيطرة على تدهور احوالها، ومحاولة التعجيل في اتخاذ قرارٍ مصيري يؤتي
اكله ليعالج او يخفف من حدة سوء حالها، وهنا سيجد من في قمة الهرم الإداري ان
المنظمة لم تعد قادرة على التعافي من مرضها، وكل محاولات العلاج لن تنفع، وان
عولجت فإخفاقات الإدارات السابقة ستبقى مؤثرة على أداء الكادر وتكون حينها المنظمة
اشبه بخشبة كبيرة منظرها يوحي انها معمرة وقوية الا ان الارضة اكلتها ونخرتها
وافسدتها من الداخل، رغم ان مصدر الفساد والافساد قد احيط به وتم استئصاله من
جذوره، الا ان اثره ما زال يزعزع إمكانية الدولة للاتكاء على المنظمة، فهي عرضة
للانهيار مع أي ظرفٍ مفاجئ.
ستكون
المنظمة بعد علاجها ضعيفة امام اتخاذ القرارات، وستكون دائماً بحاجة الى الميل
للتنازلات في سبيل الابتعاد عن اتخاذ القرارات، وستكون تحت تبعية مستمرة وبحاجة
الى سيادة منظمة أكبر منها وأكثر جرأة وقادرة على اتخاذ قرارٍ مصيري دون الخوف من
تبعاته.
ومن اجل
نجاح أي منظمة حكومية او أهلية فهي بحاجة الى وضع سياقات إدارية ثابتة ليس لأي
مدير تغييرها ما لم تعرض على إدارات اعلى مع تقديم المبررات والأسباب ووضع تلك
السياقات الإدارية تحت التجربة او العودة الى السياقات المقرّة سابقاً، وهذه
الإجراءات تحمي المنظمة من المزاجيات والاهواء وتحافظ على قدرة المنظمة في تطوير
عملها، وكذلك عدم تخوفها من اتخاذ القرارات المصيرية، وإبقاء كوادر المنظمة بعيدين
عن صراعات الإدارات والحد من التنافس غير المشروع للوصول الى السلطة والإدارة بكل
مستوياتها.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "التعصب الإداري والفوضى في اتخاذ القرارات"
إرسال تعليق