أيهما أنجح إدارة الأفراد أم إدارة الموارد البشرية؟
أي منظمة حكومية او أهلية تحتاج الى ايدي عاملة وكوادر متخصصة
لإدارتها، وهذه الكوادر التقنية والإدارية بحاجة الى منظومة إدارية دقيقة لإعطائهم
حقوقهم بما يتناسب مع طبيعة وحجم عملهم، ومن بعد ذلك وضع قوانين متوازنة كما تأخذ
تعطي، ولتنفيذ هذه الآلية الإدارية في المنظمة نحتاج الى خلق إدارة بأحد هذين
المفهومين، إدارة الافراد او إدارة الموارد البشرية، وهناك اختلاف في طريقة أداء
كل إدارة وان كانتا تصبان في نفس المصب.
إدارة الافراد
إدارة الافراد تعنى في تنفيذ القوانين والتي تراقب عمل كل فرد في داخل
المنظمة ومنحه مستحقاته المادية كالرواتب والمكافئات وغيرها او المعنوية كمنحهم
كتب الشكر والتقدير وغيرها، وفي هذه الإدارة يقتصر عملها فقط على هذا الحد ولا
تعنى هذه الإدارة بطريقة توزيع المهام على الافراد بل تعتمد على رؤساء العمل في
تحديد مهام العاملين لديهم، وهذا يجعل عدد المراقبين كبير حيث ان لكل مجموعة من
الافراد مراقب يستلم أوامره من مراقب اخر وهكذا وصولاً الى قمة الهرم، ولا يعتمد
على الفرد بذاته في انجاز مهامه، بل وليس له رأي في اختيار مهامه.
إدارة الموارد البشرية
وللتخلص من عبء الالتزام المستمر في مراقبة وتوجيه الافراد في المنظمة
فقد طور الاداريون مفهوم الإدارة ليصبح الافراد في المنظمة عبارة عن مورد كأي مورد
اخر، فلكل منظمة موارد مختلفة ومتعددة، تقوم بإدارتها بما يحقق النجاح لها، فهي
تخضع لمفاهيم في عدم التبذير والاسراف وتخضع لمعايير جودة تجعل هذه الموارد تستغل
بشكل مثالي، كأن يكون المورد مثلاً مالياً او عينياً او مواد خام، وهذه ان وزعت
بشكل صحيح واستغلت ايضاً بشكل صحيح فإنها ستعطي نقاط قوة للمنظمة، والافراد ايضاً
مورد مهم في المنظمة، حيث تقوم الإدارة الحديثة بتشخيص نقاط القوة والضعف في
المورد البشري ومن ثم معالجة نقاط ضعفه وزيادة نقاط قوته بما يتناسب مع طبيعة عمله
المكلف بها والتي تعتمد معيارين احدهما التخصص والأخر الخبرة، وبذلك فان إدارة
الموارد البشرية تزيد على إدارة الافراد في كونها ترصد حركة كل مورد بشري وتصحح مساره
وتعطيه مساحة العمل والتكليف وتنتظر منه بالمقابل الإنجاز وهذا بالطبع قلل عدد
المراقبين على كوادر المنظمة وأصبحت المنظمة اكثر رشاقة وهيكلها التنظيمي مختصر
وواضح ايضاً.
لو ظهر في احدى المنظمات ان الموظفين غير ملتزمين بالحضور والانصراف
في أوقات العمل الرسمية او وجد انهم يتسربون من المنظمة فان ذلك حسب مفهوم إدارة
الافراد تقع مسؤوليته على المراقب والذي عليه ان يأخذ حضور كوادره اول اليوم واخره
ويقوم بزرع جواسيس بين هذه الكوادر لمعرفة أي خلل يحصل، وهذه بالطبع تصرفات امنية (بوليسية)
أكثر منها إدارية، والواقع ان المنظمات ليست مدارس أطفال تستوجب هذا الكم الكبير
من المراقبة، ولهذا فان أي منظمة تقع لديها هذه المشكلة فان التقصير واللوم يقع
على ادارتها لا على الموظف المتسيب او المتسرب، وهذه الحالات لا وجود لها في ظل
إدارة الموارد البشرية والتي من مهامها رصد مثل هذه الحالات ومعالجتها من خلال
إعادة توزيع المهام والتكاليف على هؤلاء الموظفين بما يجعلهم مشغولين على طول وقت
الدوام الرسمي وان تعدى التكليف الطاقة الطبيعية للموظف فانه يمنح على اداءه
مكافئات تشجيعية وتعويضية عن جهده المضاعف، وبذلك تنقل إدارة الموارد البشرية
كوادر المنظمة من نظام المراقبة والعقوبات الى نظام تصحيح الأخطاء وتقويم الأداء.
حسب تجربتي الإدارية في المنظمات الحكومية العراقية فان مبدأ إدارة
الموارد البشرية غير موجود الا كمسمى لقسم او شعبة مكتوب على يافطة ولكن ما يعمل
به هو إدارة الافراد البوليسية، واكاد اجزم ان 90% او اكثر من المنظمات الحكومية
تعمل بالاعتماد على الموظفين المتملقين والجواسيس وهذا ما ينتج عن وجود اشخاص لا
علاقة لهم بالعمل الا انهم يشغلون مناصب يديرونها بحماقة ويعتمدون المحسوبية
والجاه والفائدة، وهذا اهم سبب يجعل المنظمات الحكومية في العراق فاشلة ومتراجعة
في أدائها ويكثر فيها التسيب والتسرب والفضائيين وغير المبالين هذا ناهيك عن
الفساد الإداري والمالي وتفشيه في عمق هذه المنظمات.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "أيهما أنجح إدارة الأفراد أم إدارة الموارد البشرية؟"
إرسال تعليق