ظنت به عشقاً
منذ أول لقاء بينهما وقد ألقى إليها تحية الصباح مع ابتسامة عريضة مشرقة وهي تشعر بإتجاهه بشعور غريب، وخلال الأيام التي تلت ذلك اللقاء كانت نظراتها له تختلف، وقلبها ينبض بقوة وترتبك عندما تلاحظ قدومه، وفي وسط هذا الشعور إمتدت أفكار صديقاتها المغرضات والحاسدات إليها ليبثن في فكرها سمومهن، وهي تسمع لهن وتتحرك على أساس ما يقلنه لها.
كيد الصديقات الحاسدات
وفي صباح أحد الأيام كانت تقف بالقرب من صديقاتها عندما عبر ذلك الشاب من الطرف الاخر للشارع نحوها وهو ينظر اليها بأطراف عينيه ومن ثم مر بهدوء مع سلامه المعتاد بابتسامته المميزة وضحكته الهادئة، وتكرر هذا المشهد في اليوم التالي والذي بعده، فأخذن صديقاتها يشعلن اعواد الكبريت ويسكبن النفط على مشاعرها لتضيع وسط الدخان وتتغير صورة الحب الى صورة حرب.
كلام صديقاتها السلبي عن الشاب
“انظري اليه كيف يحدق الى مفاتنك انه ولد شقي يحاول ان يستغلك احذري منه …”
“سمعت بانه على خلاف مع زوجته وهو يحاول ان يعوض عن ذلك بمصاحبة الشابات الجميلات …”
“بالطبع فهو لديه سوابق في هذا الامر أتتذكرن ما فعله مع تلك الفتاة؟ المسكينة خدعها بنظراته الفاسدة ومن ثم تخلى عنها …”
“لا تبتسمي له ولا تسلمي عليه ولا تحاولي ان تكوني بقربه وتجنبيه فاذا كان يريد الزواج فعليه ان يتقدم اليك بشكل رسمي والا فلا تجعليه يراودك عن نفسك …”
ازدياد الفجوة بين الشاب والفتاة بسبب كلام صديقاتها السلبي بحق الشاب
بتلك الكلمات وغيرها من العبارات الملعونة استطعن أن يصيرن من علاقة الود بينهما الى علاقة متشنجة، فأصبحت لا تسلم عليه ولا تجامله ولا تتحدث معه ولا تقترب منه وهو مستغرب مما تقوم به ولا يعرف ماذا يحصل، فكان يسأل صديقاتها عن السبب ولكنهن كن ينقلن كلاماً غير الذي يقوله لهن اليها حتى زادت الفجوة بينهما كثيراً، مما اضطره الى الابتعاد عنها وعدم الاهتمام لأمرها بعدما علم بانها تظن به ظن السوء.
مرت الأعوام وهما بعيدين عن بعضهما البعض، ولكنها كانت تحترق من داخلها كلما سمعت صوته او رأته امامها وخاصة إذا كن صديقاتها بالقرب منها، وهو لم يكن يبالي لأنه يشعر بالمظلومية لأنه لم يقدم على أي فعل يستحق عليه سوء الظن به.
هول الصدمة بعد اكتشاف الفتاة لسر إبتسامة الشاب في وجهها لأيام كثيرة
وفي صباح يوم جميل كانت تقف تلك الفتاة في الجانب الاخر من الشارع حيث كان يقف الولد الشاب، وكن صديقاتها يقفن في الطرف الاخر حيث كانت تقف هي، ولما شرعت بعبور الشارع وهي تنظر الى صديقاتها انتبهت الى زجاج البناية التي خلفهن وقد عكست صورتها عليه بطريقة مضحكة، فرأسها اصبح بحجم البالون وجسمها متعرج كالأفعى وعيناها بارزتان كأنهما كرتان باللون الأسود والأبيض، وهنا نست لبرهة صديقاتها واخذت تبتسم وتضحك على منظرها.
وبعدما عبرت الشارع لاحظت الشاب يعبر وهو يضحك ايضاً، وهنا عرفت بانه لم يكن يحدق بها بل كان يحدق بالزجاج الذي خلفها، وانه لم يكن يضحك ويبتسم لكسب ودها بل كان يضحك على صورته التي يعكسها زجاج البناية، شعرت حينها بالإحراج وبدأت تبحث في تاريخه وعلاقته بزوجته فوجدت بانه لا توجد لديه مشاكل معها وانه كان ضحية حقد صديقاتها له.
لم يعد للندم أي فائدة ولا يمكن لأي شيء أن يقرب أو أن يرتق ذلك الفتق الذي صنعته بينها وبينه، وقد خسرته صديقاً واخاً وزميلاً، وعاشت على املٍ كاذب في ان يتقدم اليها طالباً إياها للزواج، اضاعت حياتها في الظنون، وهي تكفكف دموعها بالسر لتحافظ على ما تبقى من ماء وجهها.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد