مجلس لعلماء الشيعة
ولكن ظهرت حرب ناعمة أخرى استطاعت أن تشكل تهديدًا حقيقيًا للتشيع، وهذه الحرب أنتجت خطباء ودعاةً من الشيعة حاولوا صناعة الفتن والطائفية في نفوس الشيعة ضد السنّة، وهذا بالطبع لاقى بعض المقبولية من جهلة الشيعة ومن ضعفاء الإيمان؛ فانجروا خلف حبائل المكر والخديعة، وهو عكس ما يعتقد الشيعة وما يأمرهم به أئمتهم المعصومون، فهم تعايشوا مع من ظلمهم وتعاملوا معهم بأخلاق الإسلام، وكما علمهم نبيهم الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
ولم ينته الأمر عند هذه المسألة، بل ظهرت على السطح شخصيات أخذت تسيء للشيعة والتشيع من خلال رسم صورة جاهلية لهم، وجعل التشيع عبارة عن لطم وتطبير؛ ليضيعوا كل الجهود، والأصوات، والعلماء، وليحولوا عامة الشيعة إلى أشخاص استعراضيين بعد أن كانوا عقلانيين، وليعيثوا بالقضية الحسينية فسادًا وتحريفًا وتزويرًا ويحولوا المنهاج الصحيح إلى منهاج قبيح لتفقد الثورة الحسينية هيبتها وتأثيرها على العالم الإسلامي وغير الإسلامي، وهؤلاء ليسوا من خارج الجو الشيعي، بل من داخله تجندوا من أجل الفتك بالفكر الشيعي المتزن، وإيجاد فكر شيعي متطرف وجاهل فاقد لقوته وإيمانه، بعضهم ادعى العلمية، والبعض استخدم المنبر للشتم واللعن والبعض الآخر حول الشعائر إلى مسخرة، كلهم تجندوا من أجل المادة ليكملوا دور مرضى السلطة وعبدة الكرسي والمنصب، خدمة القوى المهيمنة على العالم.
المعالجات
ومن أجل أن نحقق التوازن من جديد، فلابد من ضرب أساس المشكلة من خلال تشكيل مجلس العلماء ليضم أكبر عدد من المراجع الكبار وأصحاب السمعة الحسنة، وممن تنطبق عليهم الشروط من حسن السيرة والمهنية والعلمية والنزاهة والإخلاص للإسلام، وهذا المجلس عليه أن يسن القوانين والتي تعيد التوازن لعوام الشيعة ليقطعوا الطريق بوجه صنّاع الحرب الناعمة، ويجب في أول الأمر أن يحددوا انتماء كل معمم وخطيب يرتدي الزي المتعارف عليه بين أوساط رجال الدين، حتى لا يندس من لا يُعرف أصله وفصله بهذا الزي ليحدث أفعالًا وينسبها إلى الشيعة، وإلى التشيع، ويقع في حفيرته الناس الفقراء والمساكين، كما هو حاصل في الواقع الشيعي من ادعاء الكثيرين بكونهم رجال دين، وهم بالأصل لا يفقهون من الدين شيئًا، وعلى من لا يمتلك دليلًا على تخرجه من إحدى المدارس أو الجامعات أو الحلقات الحوزوية أن يتوقف عن هذا الادعاء أو محاسبته وفقًا للقانون؛ كونه انتحل شخصية رجل دين دونما إثبات.
وبعد ذلك على هذا المجلس أن يضع النقاط على الحروف فيما يخص الشعائر الشيعية، وأن تعود إلى ما كانت عليه سابقًا من الاعتدال ورفع جميع البدع التي لحقت بها من خلال كتابة ضوابط وتعليمات تحدد بوضوح الحدود المقبولة وغير المقبولة في أداء الشعيرة وبأدق التفاصيل، ومن ثم محاسبة جميع الخطباء وأصحاب المنابر من الشيعة والذين يشيعون الفتنة بين المسلمين، وكذلك الذين يأتون بالخرافات أو الأكاذيب أو البدع، وينسبونها إلى النبي الأكرم وأهل بيته، ومراقبتهم بدقة وتحميلهم المسؤولية القانونية في حال خروجهم عن التعليمات وتسببهم للمفاسد.
هل فقط الشيعة من يحتاج إلى هذه المعالجات؟
بالطبع لا، فكل المذاهب الإسلامية الأخرى عليها أن تضع يدها على مواضع الخلل والفساد، وأن تسيطر على أفواه رجال الدين المنحرفين، فستجد في دولة من الدول الإسلامية من يقرأ القرآن مع الموسيقى كالسنفونية، وفي بلد آخر يصلي الرجال بجانب النساء في الشارع، وبعد انتهاء الصلاة يرقص الجميع على أنغام الموسيقى الصاخبة، وفي فرنسا تم افتتاح مسجد بإمامة رجل وامرأة على التناوب يصلون فيه صلاة الجمعة والجماعة، ويستقبل هذا المسجد المثليين، والأغرب أن المرأة ليست محجبة، وتتكلم بالقرآن والسنة النبوية، هذا ناهيك عن التطرف في خطابات بعض المذاهب، والتي تحرق الأخضر واليابس بالتكفير والتحريض على القتل والدمار، ليقع ضحية هذه الخطابات من الناس الأبرياء من السنة، والشيعة، والمسيحيين، والصابئة، والأزديين، والشبك، وغيرهم من القوميات والطوائف الكثير، ونحن كمسلمين بحاجة إلى إعادة تنظيم أنفسنا من جديد في سبيل المحافظة على إسلامنا المحمدي، والذي وصلنا بعد تضحيات كبيرة قدمها الأنبياء والرسل والائمة والصالحين، وإن اضاعتنا لهذه المجهودات العظيمة هو خذلان منا لهم.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد