مدٌ وجزرٌ
التعريف بظاهرة المد والجزر
المد والجزر ظاهرة طبيعية تحدث للماء في البحار والمحيطات ويظهر تأثيرها على الأنهار والجداول المرتبطة معها، وهذه الظاهرة الطبيعية تنتج بسبب تأثير جاذبية القمر، ورغم صغر حجمه إلا أن جاذبيته البسيطة بالنسبة لجاذبية الأرض تؤثر بشكل واضح على الأقل كما نلاحظه نحن في حركة المياه، وبالطبع فلهذه الظاهرة فوائد للإنسان، وأنا لست بصدد الوقوف على فوائد هذه الظاهرة الطبيعية، ولكن سأقف إلى ما هو أبعد من ذلك.
ما العناصر التي تؤثر بظاهرة المد والجزر؟
رغم صغر حجم القمر والذي يعد قطره ربع قطر الأرض، إلا أنه يؤثر بجاذبيته البسيطة على الأرض، هذا ما نشاهده، وما لم نشاهده ماذا سيكون إذاً؟ والأكثر عجباً أن الشمس تؤثر أيضاً في ظاهرة المد والجزر، بسبب جاذبيتها، رغم البعد بين الأرض والشمس، إلا أنها وضعت بصمة أخرى في تأثيرها على الأرض، فماذا لو اجتمعت الشمس مع القمر في آن واحد وعلى نفس الخط؟ ماذا يوجد خلف هذا الاجتماع؟ ما هي المؤثرات التي ستنتج حينها؟
الماء يتأثر بالجاذبية، بجميع أصنافه وكثافته، فماذا عن باقي السوائل التي يدخل الماء في تركيبها؟ هل تتأثر أيضاً بالمدّ والجزر؟ هل يتأثر الدم والعرق والسائل الموجود في رأس الإنسان والسوائل الموجودة مع الجنين بهذه الظاهرة؟
ماذا بعد ذلك؟ وما الهدف المراد الوصول إليه؟ لست بحاجة إلى معرفة الإجابات عن كل شيء يجول في فكري القاصر، ولكني أحتاج أحياناً إلى تدوير تلك الفكرة لمعرفة أنى أحتاج إلى النظر إلى أبعد من ذلك السؤال، فأنا أعلم أن الإجابة المنطقية لأسئلتي هي “نعم”، ولكن بعد أن كانت الإجابة “بنعم” ماذا سيكون تأثير هذه الظاهرة علينا كبشر؟ فلو كان للمد والجزر تأثير على حركة الدم فهل سيؤثر على حياتنا اليومية؟
ما المقصود بظاهرة المد والجزر في العائلة؟ وما مدى تأثير هذه الظاهرة فيها؟
لنذهب أبعد قليلاً من هذا الحد، ولنتصور أن العائلة هي كالمجموعة الشمسية، فالأب والأم هما الشمس والقمر، وباقي أفراد الاسرة هم الكواكب الأخرى، من خلال ذلك سنتعلم درساً جديداً من المد والجزر، فالأم المؤثر الأقوى على حياة الأبناء، من خلال حياتها فإنها تنتقل في حالاتها النفسية والبدنية كما يفعل القمر، فمرة تغيب ومرة تزهر كوردة تستجيب لنداء الربيع، أما الأب فعلاقته مع الأم هي ما يضفي لها رونقها الجميل، فالقمر بلا شمس حجرة رمادية ميتة.
لنذهب أبعد مما ذهبنا إليه، فالأرض بلا قمر وبلا شمس، كيف ستكون؟ ستبقى الأرض بحاجة إلى من يمثل دور الشمس والقمر، على الأرض أن لا تبقى يتيمة، وإلا فإنها ستذبل وتموت، ولن تنفعها باقي الكواكب والنجوم، حيث إنها لن تعطي للأرض أي شيء ينجيها من الدمار.
بالرجوع إلى القرآن الكريم، سنجد أن هذا الوصف ورد في سورة يوسف، حيث الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً، وهذه المجموعة هي المؤثرة على الأرض، من حيث نعلم، كانت تأثيرات الشمس والقمر الواضحة، ومن حيث لا نعلم، فهي الظواهر الخفية عن أنظارنا.
فليس من المعيب أن تحصل في الأسرة تلك المشكلات البسيطة، وليست كل الأسر بعيدة عن ظواهر كالخسوف والكسوف، ولكن عليهم أن يقللوا من زمن بقائها، لكيلا تظهر سلبياتها على باقي أفراد العائلة، ولنجعل مزاجنا المتنوع والمتغير يتأثر بالمد والجزر، فتارة يرتفع في شرق الأرض وتارة في غربها، علينا أن نتنازل قليلاً وننسحب بهدوء لنمتص شوائب الأنهار الصغيرة والجداول، ومن ثم نرجع بنفس الهدوء لندفع بالحياة إلى تلك الجداول التي هي بحاجة مستمرة إلى رعايتنا، فالأرض بحاجة إلى شمسها وقمرها فلا تجعلوها وحيدة.
والحمد لله رب العالمين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد