كرهتُ الإسلام
لو قدر لمن لزم الصمت وهو يحافظ على حياته أو مكانته في بيته وبين أفراد مجتمعه، لسمعت الشباب والشابات يقولونها بصراحة “لقد كرهنا الإسلام”، أما من قالها علانية وتمرد عليه فكان الحظ إلى جانبه ليظهر أمامهم كشجاعٍ حر استطاع فعل ما عجزوا عن فعله.
بالحقيقة شبابنا ذكوراً وإناثاً يعيشون حياة النفاق، يظهرون لنا ما نحب أن نراه، ويخفون عنا انقلابهم على الإسلام، ويسمعون ويقرؤون للملاحدة وهم وصلوا إلى نتيجة بأن كلامهم صحيح، لأنهم فقدوا احترامهم لهذا الدين، ونحن من أوصلهم إلى هذه الحالة، لأنهم يرون الدين فينا وفي تصرفاتنا، في عدائنا كمسلمين لبعضنا البعض، في تفسيرنا للقرآن على مزاجنا، لتحويلنا للإسلام إلى منهاج يدعو للتخلف والوحشية وسفك الدم، أما شعاراتنا فلم يعد لها أي نفع.
الواقع الذي يعيشه شباب هذا الجيل وما نتج عنه من نظرة سلبية للإسلام
لعلي كنت محظوظاً حينما اطمأن لي بعض الشباب ليخبروني عن رأيهم في الإسلام أو أحكامه او آيات القرآن، لأعرف ما وصل إليه الحال، وما يعجز عن ذكره المقال، ولولا أني مؤمن عن بحث ودراية بأن الإسلام ليس كما يصورونه المسلمون اليوم، لكنت كرهته كما يكرهونه أبناء هذا الجيل المسكين، الذي أورثناه إخفاقاتنا كمسلمين.
فلم يجدوا في بيوتهم ولا في مدارسهم ولا في عملهم ولا في الشارع ولا في الجامع شخص يتكلم بإيجابيات الإسلام ويطبقها، لم يجدوا النبي الذي يتبعوه والمختلف فيه وفي صفاته، ولم يجدوا علي بن أبي طالب الذي سمعوا عن حكمته وشجاعته وعلمه وعدله، ولم يجدوا الحسن بن علي في كرمه وحسن خلقه، ولم يجدوا الحسين بن علي المضحي والصابر المحتسب، لم يجدوا على الأرض إلا أعدائهم، ولولا معرفتي للإسلام عن طريق أهل البيت عليهم السلام، لما آمنت بمحمد النبي الخاتم، ذلك الذي يصفه بعض المسلمين بالجهل والطيش والجبن وعدم الاستقرار النفسي. ولولا رحمة ربي وتعرفي على أولياء الله الصالحين، والذين بينوا بسيرهم المشرفة ما هو الإسلام ومن أين يؤخذ، لكنت حالياً أبحر في شواطئ الجهل والعصيان والتكفير.
من ينادي بالإسلام
1ـ منهم من مثل الإسلام الصحيح
لقد كانت معركة الصراع بين الحق والباطل خلال عمر الإسلام في صراعه مع سرطانه الذي نما في جسمه هي الفيصل الحقيقي بالنسبة لي، والتي جرت بين معسكرين يناديان بالإسلام، ولكن أحدهما كان يمثل إسلام النبي صاحب الأخلاق، والذي قال عنه تعالى ((وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ))
2ـ منهم من مثل الإسلام المشوه
أما المعسكر الثاني فقد مثل الإسلام المشوه والذي يقتل الأطفال ويمثل بالجثث ويستعبد الناس ويهدم المقدسات ويسفك الدماء ويهتك الحرمات ويحرف الكلم ويفتري على الناس، معسكر الإسلام الذي تطور مستفيداً من نصوص القرآن ومن بعض الأحاديث، ليوصل نفسه للحكم والاستفادة الدنيوية، وإن تطلب ذلك تخريج المصلح بصورة الأبله، وتقديس القاتل على أنه مجتهد، كما هو حال دولة الخلافة المزعومة (داعش)، ولولا هذه الحوادث التاريخية الفاصلة لكنت متخبطاً كالكثيرين، ولو عرفته من المجتمع الإسلامي المشجع والمؤيد للإرهاب لكرهته، ولخرج من قلبي كل حب أو انتماء لله، أو من يؤمن بالله.
الأسباب وراء كره بعض الشباب للإسلام
كلّ من يدعي الإسلام ويتقوقع خلف مذهب أو عقيدة، عليه أن يعلم أنه يتحمل أمام الله مسؤولية هؤلاء الشباب الذين كرهوا الإسلام بسببنا، وبسبب أفعالنا وعدم التزامنا بمنهاج هذا الدين، ولاتخاذنا له وسيلة لنيل المصالح والانتفاع منه كسلعة، وأخص الآباء والأمهات بذلك، فأنتم القدوة وأنتم ترجمان الاسلام، ومنكم يتعلمون الدين الحقيقي والدين المزيف.
فهذه دعوة للجميع في أن نتحمل المسؤولية وأن نتشارك فيها لنعيد الإسلام إلى قلوبهم، فهم بحاجة إلى رؤية أفعال لا إلى تفاسير، بحاجة إلى تطبيق حقيقي لا إلى حبر على ورق.
ما يجب علينا فعله لنخلص شباب هذا الجيل من (فكرة كره الإسلام)
وأول ما على الآباء فعله هو ترك الخطاب المتشدد، وترك الدعوة والتحريض على نبذ طوائف المسلمين، ذلك الخطاب المنبعث من جيفة التكفير، حيث لا قيمة للإنسان وعواطفه وأفكاره، وترك الخطاب المتلون والساذج، وعلى الآباء أن يجيبوا أبنائهم ويحاولوا إقناعهم، وكيف لهم ذلك وهم لا يعرفون الإجابة؟! ويختبئون خلف عبارات “هذا شرك” أو “هذه بدعة” أو “لا تكفر”، وهم لا يعلمون بأنهم بهذه الكلمات يرسّخون فكرة كره الإسلام أكثر.
فواجب الآباء كبير ومهم، وعليهم إظهار الإسلام لأبنائهم بلغة جميع المذاهب الإسلامية، بالحقيقة لا بالافتراء والكذب، وتوضيح الأمور لهم علمياً ومنطقياً، وإرشادهم إلى المصادر ومنابع العلم، وهم حينها أحرار في اختيار مذهبهم الذي يريدون، مادام الأصل من الدين هو التقرب إلى الله تعالى، فأتركهم يتقربون إليه بأي مذهب يرونه مناسباً، فقدم دليلك وحجتك لهم واتركهم يقدموا دليلهم وحجتهم لك، فإن كنت على صواب فلم تخشى الأفكار ومواجهتها؟
والحمد لله رب العالمين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد