أفكارنا كفتاة
فتاة تركض في حي الصعاليك
هل فكرت يوماً أن افكارك كفتاة تركض في حي الصعاليك؟ وأيدي أولئك السكارى المنتشين تمتد إلى فستانها لتجره إليها، وسط شغبٍ لا مثيل له، وهم يترامون عليها كالنيازك، وأعينهم تترصد كل تفصيل من جسمها المغري، حينما يهتز وهي تتحرك كسفينة صيد مسكينة، أحاط بها الموج العالي، والسفانة يرتجفون خوفاً، وأعينهم تحدق إلى أسماك القرش المتراقصة على وقع هدير الماء، ورائحة الخوف الشهية، وهي تتناغم مع أصوات صرير أسنانها الحادة.
هل فكرت يوماً ان أفكارك سقطت وهي تصارع الصعاليك؟ لتغتصب مراراً وتكراراً، حتى أصبحت لا تشعر لا بالألم ولا بالنشوة والشهوة، فقدت كل احاسيسها المرهفة، ورائحتها العطرة، تحولت إلى بركة سباحة ماؤها آسن، تسبح مع أخطر التماسيح والافاعي، ونظرها وحقدها بقي عالقاً كمرساة السفينة في مكان واحد.
حيث صورة مغتصب واحد، كان قدره أن يكون هو الشخص غير المحظوظ، حيث تعلق صورته في مخيلتها إلى الأبد، العدو الأوحد، رغم أن كل الحي اغتصبها، ولعل هناك من أساء إليها أكثر، وعاملها باحتقار وازدراء، وكان يجرها إلى مضجعه بكل سادية، إلا أنها لن تذكر كل ذلك، فقط هذا الصعلوك دون غيره.
هل يمكن أن تكون الأفكار مومسا؟
هل فكرت يوماً بأن أفكارك تحولت إلى مومس؟ تمارس الدعارة للغير، حصتها شيء من الطعام والمسكن الجميل، وإن حالفها الحظ وكانت ذات قوام وسمعة تليق بها في بيوت الدعارة، فإنها بعدما تكبر قليلاً في السن وتصبح سيدة بالغة، وقبل حلول عمر مشيبها، تغير عنوانها الوظيفي في ذلك الشارع، للتربع على مقعد الوساطة، وتصبح سمساراً للفتيات، من غير الحاجة على أن نذكر اسمها الصريح، والذي يقال في الشارع باستمرار.
هل فكرت يوماً بان أفكارك قد ترمى في الوحل؟ إذا ما كانت ضعيفة ومنهارة، حيث تأتي فتيات الهوى لتتسلق سلم الشهرة، وتبقى هي أمام شباك شقق الآخرين تعاين صفحات الجرائد المرماة في الأزقة والشوارع، عسى أن يلتفت إليها من أفنت شبابها وجمالها في إرضائه، وهي ترقص له عندما كان خصرها يسمى بالذهبي، الانتظار لا ينفع بين أزقة حارة الصعاليك، إذ لابد من إيجاد زبون، لتنتقل بعملها لتصبح متملقة وخادمة، تقتات على الفتن وتناقل الاخبار، نمامة حمقاء، لا ترجو الخير لغيرها، ولا تكاد تكسبه لنفسها.
احمي أفكارك
هل فكرت يوماً بأن تحمي أفكارك؟ وأن تسترها، وتتعب على الاهتمام بها، لتقيها شر حي الصعاليك، ودور الدعارة، ونمائم المومسات الضائعات بين أسيادهن، هل فكرت بأن أفكارك الرقيقة والضعيفة تحتاج إلى رجل شهم يحميها من مخاطر الحياة؟ هل فكرت بأن أفكارك سيكتب لها الزواج؟ وإنها ستلد أفكاراً تتمنى لهم أن يكونوا أصحاء، يتقدمون في الحياة ويتطورون، ليكونوا أحراراً ينفعون ولا يضرون. أفكارك ابنتك العزيزة، أو أختك الغالية، اختر لها مكاناً يليق بها.
والحمد لله رب العالمين.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد