كلمة سواء
نحتاج في حياتنا إلى إن نطلق العنان لروحية التعايش السلمي، ومن أجل إنجاح هذه الفكرة لابد لنا من أن نعطيها مساحة من أفعالنا وإظهاراها على إسلوبنا في التعامل مع الآخرين، وهناك نقطة مهمة في تحديد مسارات هذا التعايش السلمي، وهي أن نعطي لكل شخص مساحته من الحرية الفكرية، ولكن لابد من تأطير هذه المساحة وفق ضوابط.
ما هي الضوابط؟
علينا أن نجتمع على نقاط ونسميها كما هو الحال بالدستور، ومنه نتوسع إلى ما نسميه بالقوانين، هذا الدستور وهذه القوانين يجب على الجميع الالتزام بها وعدم مخالفتها، ومن يخالف فانه يعرض نفسه للعقوبة، وهنا لا يعتبر ذلك مصادرة لحقوق الأفراد، بل هو حماية للحقوق من الأفراط والتفريط في استخدام الحريات الشخصية والاجتماعية.
يقول تعالى ((تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ)).
وهذه هي الكلمة السواء التي سينمو معها التعايش السلمي في المجتمع، حيث سنقف مع كل المخالفين على نقاط لا مناص من قبولها، ورفع شعارات لا يمكن لأي مخالف ومتخالف أن يعترض عليها، كأن نقول (حب الوطن واجب مقدس)، أو أن نقول (لنحمي أبنائنا من خطر المخدرات)، وكذلك (حافظ على نظافة المكان لأنه ملك الجميع وأنت أحدهم) …
لسنا مضطرين إلى أن نستخدم عبارة تتقدمها يقول المرجع او الشيخ او الأستاذ او أي مسمى آخر، ولسنا أيضاً مضطرين إلى أن نتكلم باسم الدين أو القومية أو العشيرة، يكفي ان نذكر الثوابت التي تجمعنا في مناطق الاحتكاك مع الآخرين، فأنا لا أحب الغناء والاستماع له، والآخر وفقاً لدينه وفكره ومعتقده لا يجد في الغناء من بأس، ولكنه بالمقابل لا يحب البكاء والاستماع إلى اللطميات والاشعار الحزينة، في الوقت الذي انا احب الاستماع اليها واجدها تقربني الى الله، ليس من الضروري ان تكون المعادلة تحوي على طرف صحيح واخر خاطئ، وليست ايضاً الجنة حكراً لاحد، ولسنا أصحاب القرار في تجريم الآخرين.
التعايش السلمي يبدأ من تحديد تصرفات الآخرين وفقاً للكلمة السواء التي اجتمعنا عليها، فان كان تصرف الاخرين لا يتعدى على هذه الكلمة، فهم احرار في افعالهم وعلينا ان نحترمهم وان لا ننتقدهم ونجرح مشاعرهم، وأن نتقبلهم كشركاء لنا على هذه البسيطة.
لنحدد بعض الكلمات
أنا أحرم صنع التماثيل، وهو يحلل صنعها، وكلمتنا السواء في هذا الموضوع، لا بأس على أن تكون التماثيل محددة بضوابط لا تخدش الحياء ولا تثير الفتن ولا تتجاوز على الآخرين وتقلل من احترامهم.
أنا لا أعتقد بالأديان السماوية، وهو يعتقد بها، وكلمتنا السواء هي لا بأس بذلك على أن لا تحرض على فكري ولا أحرض على فكرك، وأنا أطرح دليلي وانت تطرح دليلك، وللعاقل الاختيار.
أنا اعتقد بأن الحقوق لا تأتي إلا باستخدام القوة والسلاح والقتل وإن كان عشوائياً، وهو يعتقد بأن الحقوق تأتي من خلال استخدام وسائل الضغط كالخطف والاستفزاز، وكلمتنا السواء هي، كلاكما باطل ولا نقبل رأيكما، فالحقوق تأتي من خلال القانون والتشريعات، لا من خلال القوة والقتل والاستهتار وتعريض الآخرين إلى التهلكة.
وهكذا الحال مع كل الخلافات والاختلافات فيما بيننا، علينا أن نصنع بيننا نقطة اتفاق ترضينا وترضي الاخرين، ولنشجع ونجتمع على كلمة سواء فيما بيننا ونتعايش سلمياً من أجل ضمان مستقبل سعيد وجميل لأجيالنا القادمة خالية من القتل والدمار والحروب والتنازعات.
والحمد لله رب العاملين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد