عندما تخالف المنظومة
في كل المجتمعات التي لا تقيدها القوانين المنصفة، تجد أن هناك صعوبة في التعامل مع أفرادها وخاصة إذا كنت تبحث من خلال عملك عن نقطة نزيهة، وهم يبحثون عن خلافها، ورغم علمك بانك على حق، ورغم علمهم بذلك ايضاً، إلا ان الكره وعمى القلب وحب الدنيا على الباطل، يجعلك في نظرهم عدواً لابد من سحقه بكل الطرق والامكانيات المتاحة، بأساليب مباحة او ممنوعة، المهم في نهاية المطاف يحققون النجاح في تحطيم الخطوط الدفاعية لك، واهم هذه الأساليب هي الافتراء والادعاء والكذب.
الأنبياء
النخبة او نخبة النخبة، حياتهم منقسمة الى قسمين، ما قبل البعثة والتكليف والتبليغ، وما بعد، فهم قبل ذلك كانوا طيبين ومقبولين في المجتمع، ولعلهم كانوا مضرباً للمثل والاحترام والتقدير، ولكنهم وبعد أن دخلوا إلى عمق العمل وتصدوا إلى مسؤولية مواجهة الفساد في المجتمع، أصبحوا على غير هذه الحالة، فصاروا ما بين مجنون وساحر أو به مس من الشيطان، ثم صار البعض بنظرهم سفيهاً، وهكذا حتى وصلوا الى اتهامهم في شرفهم وعرضهم، فتقولوا عليهم وعلى نسائهم، وهذه الافتراءات وإن كانت لا تصدق بحكم واقع الحال، الا ان كثرة الطرق على الحديد تحطمه، ولذلك كان الاختيار البديل لتنزيل العذاب هو الهجرة والاعتزال، فمواجهة مفتري كاذب يلفق التهم كيفما شاء دون الاكتراث الى أي قيم ومفاهيم عامة، هو قتل للنفس، وانتحار لا فائدة مرجوة منه، لان الحقيقة ستدفن مع اثباتات الظالمين الملفقة.
((وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا))
اعتزال الظالمين
لا اعتزال المبدأ، ترك المنطقة الملوثة والموبوءة، والانتقال الى مكان نظيف والاستمرار بالحياة، هذه هي الحال وهذا هو الحل، فمع عدم إمكانية التغيير، وعندما تجد نفسك وحيداً بين الوحوش، وحفاظاً على اسمك وسمعتك، لابد لك ان تخطو وبكل ثقة الى الابتعاد عن مواجهة مثل هذا النموذج الرخيص، والذي لا تستطيع مواجهته بالأخلاق والقوانين والأعراف السوية، فهو لا ينجح في الوقوف امامه سوى من ماثله في الأسلوب، وواجهه بالأجرام.
الحق ليس ضعيفاً
ولكن أساليب الباطل لا يستطيع الحق فعلها، ودروب الباطل لا يستطيع الحق سلوكها، ومطايا الباطل لا يستطيع الحق ركوبها، فهو كشخص سوي، في قرية كل أهلها مرضى بالطاعون، فان حاول ان يمسك يدك فإنك سوف تبعده عنك خوفاً من العدوى، وان حاول ان يبرر وجوده بين المرضى فإنك لن تسمع له، وإن أبقيته معهم فإنه في آخر اليوم سيكون مثلهم، إما مريض أو حامل للمرض، وفي كل الأحوال فإنه سيكون خاسراً.
ترك القرية والاعتزال
هو عين الصواب وليس ضعفاً او انهزام، فالنجاح والفشل ينعقد على خواتيم الأمور، وعلينا ان نحدد الخطر من البقاء والاستمرار او الاعتزال، لنحمي أنفسنا ومن نحبهم من الخطر.
والحمد لله رب العالمين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد