ما زلنا متخلفين – كيف نطور أنفسنا؟
الإنسان السويّ
عندما تحصي عدد الأنبياء والرسل الذين بعثهم الله تعالى إلى البشرية، وعندما تتوقف عند خاتم الأنبياء والرسل محمد -صلى الله عليه واله وسلم- ستجد أن الإنسانية قد استفادت منهم على مستوى صناعة الإنسان السوي، رسالات وكتب وتعاليم كلها جاءت لتحرر الانسان من الوحشية، والظلم والاضطهاد والجهل والتخلف، وقدم هؤلاء الأنبياء والرسل والصالحين، من أجل هذه الدعوة الى صناعة الإنسان، المال والجهد والدماء، ورغم كل ذلك، ولكوننا بين رحاب خاتم الرسل، إلا اننا لم نستفد من هذه الرسالة، فاصبحنا أمة ضعيفة جاهلة، خيرها لغيرها، رغم كل شيء، ما زلنا متخلفين.
عندما ترجع الى الثوابت التي دعا اليها كتاب الله تعالى، ستجدها بسيطة وواضحة جداً، فقط تحتاج الى التطبيق، ليست بحاجة الى جدال طويل وعقيم، هذه الثوابت لو طبقت لما تدهور الحال وأصبح على ما هو عليه، حيث فقدنا نقطة القوة والصدارة، في التقنية والعلوم والاكتشاف، لنتراجع الى الخلف وصولاً إلى ما نحن عليه اليوم، أمة مستهلكة غير منتجة، تكتسب علومها من الأمم الأخرى، ونحن نلوم الإسلام، ولكننا نغفل عن أن الإسلام ليس مذنباً بل نحن من أوصلنا أنفسنا الى هذه الحالة البائسة.
التقدم العلمي بعد وفاة النبي -صلّى الله عليه وسلم-
المسلمون ورغم خلافاتهم فيما بينهم بعد وفاة الرسول الاكرم الله عليه واله وسلم الا انهم استطاعوا من المضي قدماً نحو التقدم العلمي، وظهر الكثير من العلماء في الطب والفيزياء والكيمياء وعلوم أخرى، رفدوا العالم بالخطوط الأولى والأسس العلمية التي من خلالها انطلقت مسيرة التطور العلمي، ولكن كل هذا المجهود ذهب أدراج الرياح، والسبب هو عدم التزامنا بتعاليم الإسلام، نفسها التي تطبق في البلدان المتقدمة، تعاليم بسيطة تعطي للإنسان حجمه الحقيقي وحقه في العيش والرأي والحرية الشخصية، بشرط أن لا يعرض الأمة الى الخطر.
انتهاء الأمة
هذه التعاليم التي اضمحلت شيئاً فشيئاً حتى وصلت جيوش المغول الى اطراف بغداد، من هنا انتهت الأمة، وشربت كأس الاحتلال، وتفرقت ومن بقى منهم أخذ يقتل الآخرين، حتى ارتسمت خارطة الاستعباد، نحن منذ عام 1258م لم نذق طعم الحرية، حتى أصبحت هذه الحرية بعيدة عن متناول أيدينا، أكثر من سبعمائة وخمسين سنة ونحن تحت سطوة الاحتلال، مغول وسلاجقة وبويهيين وصفويين وعثمانيين، والقائمة كثيرة ، واختتمت بالاحتلال البريطاني، وبعد ان فكرنا أننا استطعنا ان نمتلك مفاتيح الحرية، وجدنا الأقفال قد استبدلت، ورضينا من جديد ان نقبع تحت احتلال جديد، ودكتاتوريات ظالمة، حتى سلمتنا الى راعية الاحتلال الأولى، أمريكا وبلا منازع.
لماذا سقطنا في مستنقع التخلف؟
ليس الدين هو من أوصلنا الى هذه الحفرة السحيقة، وليس أجدادنا هم المذنبين، لأنهم لم يصنعوا الكهرباء أو يخترعوا الحاسوب او جهاز الآيفون، لقد سقطنا في مستنقع التخلف، لأننا فقدنا حريتنا، نفسهم دعاة الحرية والنظام هم من أفقدونا قدرتنا على التفكير، لم يستطع أجدادنا من صناعة السيارات، لأنهم كانوا ببساطة يبحثون عن لقمة العيش في غابات الاقطاعيين، ولم يستطيعوا ان يساهموا في بناء مفاعل نووي عملاق، لانهم وببساطة ايضاً لم يجدوا من يعلمهم مبادئ الفيزياء والكيمياء، أجدادنا وجدوا أنفسهم مواطنين من الدرجة الأخيرة وحسب مقاييس الاحتلال.
من يتحمل مسؤوليتنا؟
اليوم نحن نتحمل مسؤولية أنفسنا، لنترك التحجج بفشل الآخرين، لنترك رمي الفشل على الآخرين، ولنترك الإسلام بسلام، الدين الإسلامي أدى واجبه وأعطانا السبيل لنقلب صفحة التخلف ونمضي الى الأمام، وواجبنا اليوم أن نستغل التطور وننهض بأنفسنا وأهلنا وأجيالنا للمضي قدماً لتحقيق مالم يحققه أجدادنا في زمن الاحتلال، فكل الموارد والإمكانيات والمعارف أصبحت مباحة ومتاحة، وعلى كل ذي اختصاص من شبابنا أن يترك الكلام ويبدأ بالعمل، أن يترك انتقاد الاخرين، وأن يترك السذاجة ويبين نفسه، وأن لا يبقى يرمي بأسباب فشله على غيره، وعلى الدين والمتدينين، وعلى المتحررين والعلمانيين، وعلى أمريكا وإسرائيل.
إذا لم تجد لنفسك قدوة تحترمها وتتبع خطاها، كن انت ذلك القدوة.
كيف نطور أنفسنا؟
ادخل التكنلوجيا إلى اختصاصك، اعتمد قليلاً على نفسك، افشل وانجح وتقدم خطوة، لا تنتظر من غيرك مساعدتك، انت ساعد غيرك، لا تحتكر المعلومة، لا تتدخل في شأن الاخرين، حاول ان تكون فعالاً في مجتمعك، ان حققت ذلك، ونجحت في تطوير عملك، شارك ذلك مع اصدقائك، بدلاً من ان تشاركهم اغنية او لطميه، وبدلاً من ان تشاركهم منشوراً فيه إساءة لرمز او شخص او دين او معتقد، شاركهم رأيك في تخصصك، كوّن معهم مجموعة عمل، وألهمهم ليحققوا معك النجاح والتطور، فالألف ميل خطوته الأولى لديكم أيها الشباب اليافع، فلا تضيعوا هذه الخطوة.
والحمد لله رب العالمين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "ما زلنا متخلفين – كيف نطور أنفسنا؟"
إرسال تعليق