لا تؤدبني بعقوبتك
حينما قرأت دعاء ابي حمزة الثمالي والذي علمه اياه الامام علي بن
الحسين السجاد ع استوقفتني مقدمته طويلاً، حيث جاء فيها ((إلهي لا تؤدبني بعقوبتك
ولا تمكر بي في حيلتك من اين لي الخير يا رب ولا توجد الا من عندك ومن اين لي
النجاة ولا تستطاع الا بك، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك ولا الذي اساء
واجترأ عليك خرج عن قدرتك ...)).
التأديب بالعقوبة
كانت هذه الكلمة تتردد على ذهني بين لحظة واخرى، لا تؤدبني بعقوبتك، صلب
حديثي ونجواي مع الله تعالى، اسأله ان لا يؤدبني بالعقوبة، فبماذا إذاً اترجاه ان
يستبدل التأديب، العقوبة هي الرادع التأديبي للمسيء، فمن امن العقوبة اساء الادب، فبدون
العقوبة كيف يؤدبني ربي؟
بدون العقوبة، كيف يؤدبني ربّي؟
دارت هذه النقطة طويلاً في فكري القاصر تبحث عن جواب يقنع جدالها الجاهل،
حتى ساعة ادراكي للجواب في موقف حدث امامي، حيث ارتكب شاب لفعل خطأ، لا عن قصد
الاساءة ولكن استزله اصحابه ففعل فعلته، بسببها اصاب شيخا كبيراً كان ماراً من
خلفه، وهنا التفت الشيخ اليهم وكان مع الشيخ ولد شاب كان ابنه او حفيده، اراد ان
يتدخل فمنعه، وقال لهم جمعيا شاملاً ابنه او حفيده، اني عفوت عنكم ولكن اتمنى ان
تحسوا بخطأكم وتعتذروا الى انفسكم، كل الشباب ضحكوا بعد ان غادر الشيخ، حيث كلماته
لم تكن الا كمزحة لاعبت اذانهم الصماء، فقط شاب واحد وقف طويلا بلا حراك، يحدث
نفسه ماذا فعلت، وكيف فعلت؟ ترك اصدقائه ودمعت عينه وسار وحيداً نادماً، رغم ان
كلام الشيخ لم يكن فيه اي اذى، فعلمت الاجابة حينها.
التأديب بالرحمة
الامام السجاد ع يخاطب الله تعالى، يا ربي لا تؤدبني بالعقوبة، ادبني
بالرحمة، انا ما زلت بشرا استحي من الكلمة، لم اتغير يا ربي لتصبح العقوبة هي
الخيار الاخير في تأديبي، انا ما زلت ذلك المتفكر الذي تكفيه الاشارة ليتراجع عن
فعله الخاطئ، انا ما زلت استحي من الكلمة، واخجل من الذنب، انا ما زلت انساناً
يستحق الفرصة، فلا تحرمني الفرصة من الرحمة.
من الذي يحتاج التأديب بالعقوبة؟
فقط من تخلى عن مشاعره تجاه نفسه، واستسهل فعل الخطأ، هو من يحتاج الى
التأديب، وان أصبح التأديب لا يكفي بالموعظة والكلمة والتوجيه، فانه قد استحق
العقوبة، ومن اعتاد العقوبة واخذ يتجنبها محتالاً على الاخرين، فانه محتاج الى درس
يعلمه حجمه الحقيقي، حتى يعلم ان الانسان بلا رحمة الله وعطفه ورأفته، فانه هالك
لا محالة.
امنا بالله، والحمد لله رب العالمين
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "لا تؤدبني بعقوبتك"
إرسال تعليق