المدير الفاشل

قبل البدء بتناول صفات المدير الفاشل، علينا اولاً ان نتعرف على من تطلق كلمة مدير، فالمدير هو أي شخص يتولى منصباً من خلاله يقوم بإدارة الاعمال والأشخاص لتحقيق هدف ما، فالمعلم مدير على طلبته في المدرسة، والطبيب مدير في عيادته، ومراقب العمل مدير على العاملين، وهذا المصطلح اتى بمعنى اخر في حديث الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم ((كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته …)) فالراعي هو المدير الذي تقع على عاتقه مسؤولية تحقيق الهدف المطلوب من ادارته، وهذا الامر متوقف بالطبع على مدى نجاحه وفشله.

بعد هذه المقدمة فمن يكون المدير الفاشل؟ وكيف لنا ان نعرف المدير الفاشل؟

لا يقاس فشل المدير على ما يمتلكه من شهادة دراسية او انتماء عشائري او حزبي او صفات جسدية، ولكن فشل المدير يعتمد على خبرته في الامر الذي يقوم بإدارته، ويظهر الفشل عندما لا يقبل النصح وعندما لا يقوم باستشارة من هم اعلم بالمجال الذي يقوم بإدارته، فينتقل بذلك من الإدارة العلمية الى الإدارة الاجتهادية وهذا يعني انه يضرب بتجارب السابقين له عرض الحائط مما يجعله يقع في أخطاء صغيرة ومن ثم تكبر لتصبح بعد ذلك عبئاً على العمل وتبتعد به عن تحقيق الأهداف المطلوبة.

ويكون المدير فاشلاً عندما يرى نفسه اعلى ممن معه ويتعامل معهم على أساس كونهم دوناً منه في المستوى فترى تعاملاته تعتمد على صلاحيات المنصب، وبذلك فان هذه المعاملة تؤدي بالنتيجة الى فشل العمل لعدم امتلاكه لاحترام العاملين معه، وهذا يحدث بالطبع بسبب تأثير المنصب على الشخصية لاسيما ان كانت في داخلها ضعيفة وتحتاج الى ما يجعلها قوية، وهذا المضمون نجده في قوله تعالى ((لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ)) وفيه دلالة على ان سر القوة هي القرى المحصنة والجدر، فان المدير الفاشل يواجه من معه واقفاً خلف منصبه وخلف الصلاحيات الموكلة له.

عندما يتحول المدير الى أداة بيد المتملقين، ولساناً ناطقاً لهم فيسمع كلام التحريض والتزوير ويقبل الفتنة والنميمة، فهو يتحول الى أحمق ودمية، ولا يمتلك أي شخصية قيادية وإدارية مما يجعل العمل معه اشبه بالتعامل مع صنم او عجل له خوار لا يستجيب الا من خلال التعامل مع ابي جهل او السامري، ولعل قوله تعالى ينطبق على مثل هؤلاء المدراء الفاشلين ((…وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ…)).

وأخطر المدراء الفاشلين الذين تجتمع فيه كل الصفات، ويستخدم سلطته على الاخرين من غير عدالة، فهو يغض النظر عن أخطاء المقربين منه، ويضع لهم الاعذار كما يحلو له، وفي نفس الوقت يضرب بالقانون والسلطة والتحجج الباطل على العاملين في ادارته ليحاسبهم حتى يحصل على كلمة الولاء والدونية له فيشعر حينها انه الفرعون الذي لا يقهر.

خلاصة الامر ان المدير الفاشل هو من تتحكم به السلطة والجهل والمتملقين، ويزداد فشلاً عندما يخرج من بشريته ليصبح حيواناً كاسراً، وضبعاً يعض من الخلف ويهاجم الضعفاء وعندما يقع في المشاكل يتبرأ ممن معه، فلا صاحب له ولا صديق.

ومع كل الأسف فان غالبية المدراء في حياتنا وفي مجتمعاتنا هم من النوع الفاشل والذي تنطبق عليه هذه الصفات، ولذلك نجد نفسنا متأخرين عن العالم في التطور والنجاح بسبب فشل الإدارات في جميع القطاعات العامة والخاصة والمختلطة.

ويمكنكم اجراء استبيان واقعي في مكانات عملكم وبالطبع يكون سرياً ان أمكن ويتم وضع الصفات السلبية للمدير والتي تجعل منه فاشلاً كما أسلفنا القول ومن خلال هذا الاستبيان يمكن ان يعاد توجيه المدراء لمعالجة هذه الصفات السالبة لنكون قادرين على إعادة بناء اوطاننا من جديد على أسس صحيحة بعدما عاث الفساد فيها وهدم جميع أسسها وبناها التحتية.

والحمد لله رب العالمين

شارك هذا المنشور

اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

مواضيع ذات صلة